الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

وادي دينار..حكايات وأخبار



بقلم: ولد الأجواد

وادي دينار عرفه الليبيون والصحفيون، وتكرر ذكره في معظم القنوات العالمية إبّان معارك السيطرة على بني وليد بين جيوش الثوّار المسنودة بطائرات حلف الشمال الأطلسي من جهة، وبين أهالي مدينة بني وليد من جهة ثانية، اشتهر هذا الوادي بأنه شهد المواجهات الأعنف في تاريخ الحرب الليبية الأخيرة حيث عجزت الجيوش المهاجمة بعتادها وعدادها عن تجاوز هذا الوادي والدخول للمدينة الذي يمثل هذا الوادي بوّابتها الشمالية.

لكن معركة أبناء بني وليد في هذا الوادي لم تكن الأولى، فقد سبق أن واجهوا الإمبراطورية الفاشستية المتمثلة في جيوش روما العظمى بقيادة الجنرال غراتسياني في العام 1923، ومن صدف القدر أن تكررت سيناريوهات الهجوم على البلدة البسيطة التي يقطنها 80 ألف نسمة، فقد لجأ غراتسياني الى إلقاء المناشير التحذيرية المحرضة على الاستسلام كما فعل الناتو ذات الشيء في 2011.

زحف غراتسياني كما زحفت جيوش الثوار على المدينة عبر ذات الوادي، كانت مقدمة جيوش غراتسياني من كتائب الليبيين المجندين في صفوف جيوش روما العظمى وكان جيش الناتو من كتائب الليبيين وان اختلف نوايا بعضهم إلا أن القيادة كانت للناتو.

رفض أهالي بني وليد التسليم لغراتسياني برغم أن بني وليد كانت المدينة الأخيرة الباقية خارج القبضة الايطالية في غرب ليبيا؛ وبالمثل أبى أهالي الرصيفة التسليم للثوار بعدما سيطروا على كامل التراب الليبي، وبقيت بني وليد المدينة الكاملة الأخيرة خارج حكمهم؛ إذ كانت أجزاء كبيرة من سرت تحت سيطرتهم ولم يبقى القتال إلا في حي رقم 2.

في مثل هذا اليوم 27 ديسمبر، كان أهالي بني وليد على موعد مع البطولة ليجابهوا القوى العظمى في ذلك الوقت، وفي وادي دينار دارت رحى المعركة وتسابق المدافعين على أبواب الشهادة حيث يذكر التاريخ ملحمة سطرها ستّة أخوة من قبيلة تلمات - السعادات ماتوا دفاعاً عن أخيهم السابع المجروح ليكتب الله النجاة للسابع والشهادة للستة الباقين [مصدر 3]، كتب غراتسياني في كتابه "نحو فزان" حول هذه المعركة والمقاومة الشديدة التي لاقاها وكيف استخدم المدفعية لدك مواقع المجاهدين والتوغل عبر وادي غلبون مع تقدم محورين احدها من الجبهة الشرقية والآخر من الجنوبية عبر اشميخ.

روى الأجداد هذا الوادي الأشم بدمائهم الزكيّة، وخلفهم من بعدهم أحفادهم أعادوا الكرّة وكتبوا التاريخ من جديد، لم يكن دفاع بني وليد وتصديهم للغزاة من أجل حكم فرد أو الحفاظ على أركان نظام، بل كانوا يذودون عن حرماتهم وبيوتهم وأرضهم التي رفضت أن تدنسها أقدام الصليبي وأعوانه.

ولازال عبق المجد والشرف يفوح من ذاك الوادي ولازال أبناء ورفله يشعرون بعظم أمجادهم عند مرورهم به، فعلاً صدق غراتسياني حين قال: "بني وليد دردنيل طرابلس الغرب"


المصادر:
1- نحو فزان - غراتسياني
2- مدونة بني وليد
3- الحاج محمد بن امحمد الدروعي

حصار حامية بريجنتي في بني وليد ورفلة

حصار حامية بريجنتي في بني وليد




بعد انتهاء معركة القرضابية وإلحاق الخسارة الفادحة بالايطاليين، تمت محاصرة الحامية الايطالية التي كانت في بني وليد بقيادة بريجنتي والتي تعد 2500 جندي من بينهم 730 من الايطاليين، والبقية بين أفارقة وعرب وليبين كمجندين لخدمة الملك، وكانت تلك الحامية موجودةً في قلعة بني وليد.
حاولت ايطاليا فك الحصار عن الميجور بريجنتي وذلك بإرسال قوة تتألف من 1700 جندي بقيادة الكولونيل نوري الذي تحرك من زليتن، ولكنها ردت على أعقابها في الطريق ولم تتمكن من فعل أي شيء.
 ظلت هذه الحامية تعاني ويلات الحصار وترفض الاستسلام، وفي بداية شهر يوليو من عام 1915 حاول بريجنتي فك الحصار واقتحام المجاهدين المرابطين خارج القلعة ولكنه تكبد خسائر كبيرة جداً، و تقول بعض الروايات ان القوة التي خرجت من القلعة تقدر بحوالي 450 جندياً ولم يعد منهم سوى 200-250 وبهذا فشلت محاولة الاقتحام.
قرر بريجنتي الاستسلام و أتضح فيما بعد انه كان قد أبلغ رؤسائه بأنه سيقوم بالتسليم في الصباح بعد أن يقوم بتخريب جهاز اللاسلكي، وكشفت المراسلات التي تم العثور عليها لاحقاً قدر المعاناة التي كان يعانيها هو وجنوده و أن الحكومة الايطالية طلبت منه التسليم ولكنه لم يكن موافقاً على ذلك، وأخيراً لم يجد بُداً من الاستسلام وأعلن استسلامه في 7 يوليو 1915 وليبقى أسيراً في بني وليد حتى مات منتحراً بعد سنة من أسره.
نقل جراتسياني آخر رسالة قام بريجنتي بإرسالها نقتبس منها:
" بعد بضع ساعات أو في صباح الغد على الاكتر، ستتوقف المحطة اللاسلكية. وإني قبل أن أنتزعها وأنا في شدة الألم أرسل الى سعادتكم تحياتي وتحيات كافة المقاومين عن بني وليد والتي شاء القدر أن تذهب مقاومتهم أدراج الرياح"
قام جراتسياني بعد احتلال بني وليد باستخراج رفات هدا الايطالي( النتن) وتم نقلها الى مقبرة الجنود الايطاليين في طرابلس.

سجناء صاروا رمزاً للوفاء


سجناء صاروا رمزاً للوفاء


بقلم  ولـــ الأجوا ــد

 تكاد تكون المدينة خالية من ساكنيها، فالكل منهمك في أشغاله والأهالي منتشرين بين الوديان والشعاب فاليوم هو يوم عرفة وغداّ هو يوم النحر والعيد، هكذا بدت بني وليد صبيحة التاسع من ذي الحجة من عام 1920، لم يخطر ببال عبدالنبي بلخير أن الخطر يزحف باتجاه مدينته، فقد كانت خلافات سياسية مع الإخوة والجيران لم ترد ببال أحدهم أن تصل لحد غزو الأخ على ديار أخيه عشية عيد الأضحى.

كانت المدينة تعيش بسلام وكانت القلعة تحت حراسة خفيفة لأن لا خطر يهدد المدينة ومظاهر العيد تغلب على الأجواء، كان بلخير قبلها قد أودع مجموعة من قبيلة الأعطيات السجن لمشاكل داخلية حيث تحفّظ عليهم حتى حلها. كل هذا والجيش القادم يقترب من المدينة ولا لأحد علمٌ به الا خالقهم، ظهرت أولى طلائع الجيش الغازي من الجهلة القبلية حيث الطريق للسدادة وأتى الجيش عبر وادي غبين الى ما يعرف حينها "ببرّاكة الطيار" وهي الأرض التي عليها اليوم مصنع الصوف والفروسية وما جاورها من الحي الصناعي.

ما أن لاحت طلائع الجيش الجرار الغازي حتى وصل النبأ لعبدالنبي بلخير في قلعته، كانت لحظات عصيبة، فمعظم الأهالي -كما هو معروف- في نجوعهم المتناثرة في وديان المدينة الشاسعة، حيث القلة فقط كانت تسكن المدينة والباقي يأتونها في أوقات جني ثمار الزيتون فقط.

بادر بلخير بأمر أحد رجاله الأشداء المعروف بـ "مرسال" بضرب الطبل المعروف بطبل ورفله الذي لا يُضرب عليه الا في الأمور العظام، وقف مرسال أمام الطبل وسمّى الله وضربه ضربةً تردد صداها في كل الأرجاء، حينها كان الأهالي يتبعون أغنامهم والبعض يقوم على شؤونه حيث بدّد سكون تلك البادية الهادئة صوت الطبل الرنّان، اشرأبت الأعناق في لحظة صمت من الجميع لا يُسمع فيها الا صوت الطبل، نظر بعض الرجال إلى بعضهم فهم يعرفون ما ضُرب الطبل إلا لأمرٍ جلل. سارعوا إلى بنادقهم ووثبوا على صهوة خيولهم وكلهم مقصدهم واحد ألا وهو بني وليد وقلعتهم الحصينة.

في ذلك الأثناء؛ بلخير علم أن هبّة الأهالي ستأخذ بعضاً من الوقت حتى يصلوا المدينة فأطرق هنيهة يفكر ما عمل لصد الجيش الزاحف حتى وصول التعزيزات من الوديان، فما كان منه إلا أن نزل للسجن فتح الأبواب عن تلك المجموعة من قبيلة الأعطيات وقال لهم، هي مدينتكم وجيش الغزاة على مشارفها؛ فانظروا ماذا أنتم صانعون، ولأن دم ورفله يجري في عروقهم، والنخوة والشهامة والوفاء متأصل في جذورهم، قالوا له أين البنادق فلا خير فينا إن لم نذد عن حمى أرضنا.

هنا يظهر النموذج الحق المشرف لأولئك  الأحرار الأشراف الذين لم يتنكّروا لقبيلتهم حتى وهم في سجونها فما كان هذا يثنيهم ولا يثبّطهم عن الدفاع عنها، فما أن خرجوا من القضبان حتى وقفوا للجيش الغازي وقاتلوا بكل بسالة حتى وصل الأهالي من كل حدب وصوب ليسطروا أروع ملاحم الفداء والبطولة، ويقهروا الجيش الغازي، ليوقن الجميع أن بني وليد ارصيفة تتحطم عليها أمواج البحور.

لقد كان لأبناء قبيلة الأعطيات الفضل الكبير في تعطيل الجيش والدفاع عن القلعة والحفاظ على هيبة المدينة وشموخها، فسبحان الله كيف علّم هؤلاء السجناء الجميع معنى الوفاء والانتماء وأن شرف المدينة فوق كل اعتبار.

اليوم أقلّب صفحات الماضي وأكتب هذه القصة لأذكّر أولئك القابعين على طريق السدادة وأمثالهم على صفحات الانترنت المتباكين لأعدائنا والمستغيثين بخصومنا لأجل الهجوم على مدينتنا، أهمس في أذنهم وأقول لهم أليس لكم في سجناء الأعطيات أسوة حسنة؟ ألا تتعلموا منهم معنى الوفاء للمدينة التي أغدقت عليكم كل خيراتها ولم تبخل يوماً عنكم بشي!؟

وأختم ببيت شعر للشاعر القُرشي علي ابن الجهم:

و جرّبنا و جرّب أوّلـُـونا *** فلا شيء أعزُّ من الوفاء

قصيدة جاء بوساط من وادي الوليد بني وليد


قصيدة للشاعر سليمان التمامي
قالها عام 1920 بمناسبة الاعتداء على بني وليد

جاء بوساط من وادي وليد**وجاب أخبار يعني صاحات
جـاهم جيش ما يحصر عديد**وهن قدام قلبه جاهرات
ويمشن فوق تافاش الحديد**المعني بالنعال مطبقات
تلاقن فجر في ليله العيد**أمنين قصاصهن متعاقبات
تك لحاقهن تكة وقيد**صواقع من سحابة نازلات
وجاء رمضان طارز عالكريد**عقاب ايام عمره قاصرات
سقط عرجون ساقط من جريد**وباتن من جنابة هانيات
وناض البي نادى ياسعيد**حل الباب علي محبسات
ضرب مدفعهن سيدي سعيد**وهن في القصور معيدات
وزغرت فيه مكحول الهميد** وجنة صولبه فازعات
وخي ماشطها طايح تريد**تزغرت على الفخر وين بات
والأطفال المرد راموا عالصهيد**والشياب عنده عاكسات
والفاتير ندموا على القليد**وجنه للصناعة طالبات
الي مامات حاصل في الحديد**في البرمان تحت القادرات
سوري صك مفتاحه حديد**وطاح اللاص فوق اللاعبات
وشاد نباه الي بر الجريد**ولمصر للجنود القاصيات
هدا نوع من وادي وليد**أنواع اصحاح ماهن كاذبات
واللي واكله خشمه يزيد**وهذا السوق يلي متوحمات











الحامية الايطالية اشميخ .


الحامية الايطالية اشميخ

اشميخ هي إحدى ضواحي بني وليد حيت تبعد عنها 40 كم جنوباً، ووصلت قوات مالتا اليها يوم 28 ديسمبر 1923 عن طريق الجبل ومروراً بمزدة، لتقوم بضرب بقيه المجاهدين المنسحبين من بني وليد بعد احتلالها.
أقام الايطاليون هذه الحامية في اشميخ بعد احتلال بني وليد عام 1923 حيت اعتبروها موقعاً جيداً لقطع خطوط الإمداد والموارد المائية عن المجاهدين واختاروا موقعاً مطلاً على بئر اشميخ والذي كان المورد المائي الوحيد في تلك المنطقة.
أصبحت هذه الحامية هي نقطة الاتصال و الإمداد للقوات الايطالية أثناء توغلها لاحتلال الجنوب.


27 ديسمبر 1923 م

بعد الأحداث التي حصلت بين بني وليد ومصراتة، واندلاع نار الفتنة من جديد بين العرب والبربر في الجبل، وما تلاها من احتلال نالوت مركز خليفة بن عسكر. كانت الفرصة الموالية للإيطاليين للانقضاض على ليبيا بعد أن ساهموا في نشر بدور الفتنة بين الزعامات و رؤوس القبائل في ذلك الوقت
تحركت الجيوش الإيطالية لاحتلال المدن الواحدة تلو الأخرى ووصلوا غريان في 15 نوفمبر 1922 وجعلوا منها مركزاً لانطلاق حملاتهم نحو الغرب الليبي، وبعد تلاتة أشهر تحركوا للجنوب فاحتلوا ترهونة وبعد أقل من شهر دخلوا مصراتة واحتلوها وكانت آخر معركة في مصراتة معركة وادي المشرك التي أستشهد فيها سعدون السويحلي .
نقل المجاهدون معسكراتهم الي بني وليد، بعد احتلال مناطق مصراتة وزليتن  ومسلاته وغيرها من المناطق المجاورة، ووجدوا في بني وليد الملاذ الآمن، فأقام فيها ما يفوق 100 الف حسب الروايات فيما ينقل المرزوقي رواية الشيخ على تامر:
" نحو مائتي الف شخص، وقدر الله أن تنزل في ذلك الموسم 1922-1923 الأمطار بغزارة، وتحصلنا على صابة ما رأينا مثلها في حياتنا"
وبغض النظر عن دقة هذا الرقم إلا أن يوحي بأن العدد كان كبيراً، وكانت بقيادة الزعامات التي انسحبت إثر احتلال مدنهم مثل احمد السويحلي و احمد المريض ومختار كعبار والصويعي الخيتوني و محمد سوف والمبروك المنتصر عبدالصمد النعاس واحمد راسم وفرحات الزاوي وغيرهم.
كتب جراتسياني تخطيطهم حول هذه التجمعات على ورفله:
لقد كان من الواجب ضرب الثوار(المجاهدين) ضربة قاضيه بحرمانهم من تلك الوسيلة المتبقية لهم وهي اتصالهم بإقليم ورفله.
كان الهدف النهائي هو بني وليد عاصمة إقليم ورفله ومقر عبدالنبي وهي مركز عظيم الأهمية للالتقاء طرق القوافل وكان قد عسكر حولها أكبر عدد من القوات التي كان من الممكن أن يوجهها عبدالنبي ضدنا متى لزم الأمر.
استغل المجاهدون تلك الفترة لتوحيد الصفوف بين عبدالنبي بلخير و احمد السويحلي وكان احمد السويحلي رجلاً مخلصاً ومحباً لوطنه فلم يمانع في طرح الخلافات من اجل الوطن إلا أن ابراهيم نجل رمضان عارض عمه وأختلف معه ورفض التفاهم مع عبدالنبي بلخير مع أنه كان في ضيافته و في أراضي بني وليد، وقرر الافتراق عن عمه ورحل يتبعه  جزءٌ من الجيش .
كانت تلك ضربة جديدة لصفوف المجاهدين استغلها الايطاليين باحتلال السدادة بعد انقسام المجاهدين فيها، وكان ذلك قبل احتلال بني وليد بخمسة أيام وسيأتي الحديث لاحقاً عن ذلك.

تعتبر الحملة الايطالية على بني وليد من أعظم الحملات التي قامت بها الحكومة الايطالية في ذلك الوقت، نظراً لموقع المدينة وصعوبة الدخول اليها وتجمع المجاهدين واستعدادهم للدفاع عنها وتم التخطيط على الضرب المتزامن من ثلاث محاور في نفس الوقت واستعملت ايطاليا الطيران الحربي في الاستطلاع وضرب مواقع المجاهدين وإلقاء المناشير على الاهالى لزرع الرعب في قلوبهم.

صورة لأحد المناشير التي ألقته الطائرات الايطالية
ذكر التليسي في كتابه بعد القرضابية تجهيز الحملة:
قوات الجبل بقيادة الجنرال جراتسياني وتتكون من 4000 بندقية 530 فارساً 4 قطع مدفعية
القوات الشرقية بقيادة الكولونيل متزني وتتكون من 3500 بندقية 530 فارساً 4 قطع مدفعية
قوات ماريوتي وتتألف من 580 بندقية 130 فاراً وقطعتين مدفعية
قوات مالتا وتتكون من 800 بندقية
قوات فولبيني 500 بندقية 50 فارساً
قوات غالياني 250 بندقية 90 فارساً.
وبدلك يبلغ مجموع الحملة على بني وليد 9900 بندقية و 1330 فارساً عدا القوات الاحتياطية الموزعة في مختلف المناطق بميدان العمليات.


المعركة واحتلال بني وليد


بعد فشل الايطاليين في محاولة استماله عبدالنبي بلخير وباقي الزعامات الموجودة في تلك الفترة في بني وليد و إجبارهم على التسليم تقرر الزحف على بني وليد.
كان الانشقاق الذي حصل في معسكر مصراتة بين ابراهيم وعمه احمد الشتوي مغرياً للإيطاليين فوجهوا ضربتهم الأولى للمعسكر المرابط في السدادة شرقي مدينة بني وليد.
أسندت المهمة الى الكولونيل متزني وكانت المهمة هي ضرب معسكر السدادة ومنع النازحين من الوصول الى بني وليد لمنع التحامهم بباقي المجاهدين في بني وليد، حيت قام بحركة التفاف على معسكر المجاهدين من الجنوب ليضطرهم للالتزام بالمعركة حتى النهاية أو الانسحاب باتجاه الشمال حيت تسيطر ايطاليا على كل المدن، وقام بتوجيه ضربته للمعسكر يوم 22 ديسمبر 1923، وقد استمات المجاهدون أمام هذا الهجوم المباغت، ولكنهم لم يستطيعوا الصمود طويلاً فقد تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وخسروا الكثير من الأسلحة التى كانت بحوزتهم وقاموا بالانسحاب بعدة اتجاهات.
تحدث جراتسياني عن غنائمهم في تلك المعركة:
" تم في السدادة الاستيلاء على تلات قطع من المدفعية، و على مستودع صغير من الأقوات والمؤن، والمهمات من مختلف الأنواع، وعدد الآلاف من رؤوس الماشية."
ويقول الجنرال متزني أنهم غنموا أربعة مدافع و قاذفة قنابل وخمس رشاشات و 550 صندوقاً من ذخيرة المدفعية والبنادق.
تقرر الزحف على بني وليد يوم 23 تم تأخر الجيش الايطالي لا سباب سيأتي ذكرها وتم الزحف على بني وليد واحتلالها يوم 27 ديسمبر.
يقول الجنرال عن المعركة:
تقرر الزحف يوم 23.
"كان نشاط الطيران في تلك الفترة عظيماً، في رحلات استكشافية فوق أراضي ورفلة رغماً عن رداءة الأحوال الجوية، وقد ألقيت أثناء تلك الرحلات منشورات عديدة للحكومة موجهه للأهالي."
تلقى متزني الأوامر بالزحف المباشر نحو بني وليد من جهة السدادة والتي كان قد سيطر عليها كما ذكرنا وبدأ بالتحرك نحو ورفله فيما تتجه القوات الأخرى من الجهات الشمالية والجنوبية.
كانت بني وليد تتجهز للمعركة مند احتلال مصراتة وترهونه والجبل الغربي، وقام المجاهدون بتحصين المدينة وتوفير الذخيرة.
يقول متزني: أن جماعات من سكان ورفلة صادفناها إثناء زحفنا، كانت تلوح بأعلام بيضاء مؤكدة أن عبدالنبي لن يبدي أيه مقاومة، وبينما كانت القوات تجتاز الوادي بكل الحذر الواجب في هذه الحالات، قامت جماعات من الفرسان الثوار والمشاة المتحصنين في الخنادق المحفورة في الضفة المقابلة بإطلاق النار ضد الجناح الأيسر للقوات الزاحفة) ووجد الجيش نفسه في موقف حرج جداً بعد الهجوم المباغت.

وكانت معركة وادي غبين من أولى المعارك التي تجري حول بني وليد، ولجأ فيها عبدالنبي الى خداعه المعروف برفعه الأعلام البيضاء التي أشار لها أكتر من مصدر ايطالي ورصدتها الطائرات التي كانت تحلق فوق بني وليد.
اعتمد عبدالنبي على خطة توقع أنها محكمة ستوقع جراتسياني الزاحف من ترهونة في كماشة لن يفلت منها، فتحصن المجاهدون على ضفتي وادي دينار بقوة قوامها بحسب ماذكر جراتسياني 4000  مقاتل وكانت اكتر القوات في وادي دينار لاعتقاد عبدالنبي بأنه الطريق الوحيد الذي يمكن أن تسلكه الجيوش الايطالية فقد جاءت منه جميع الجيوش التي غزت بني وليد سابقاً، وكما أنه يعول على المجاهدين المرابطين في السدادة لحماية الجهة الشرقية فيما لا يستطيع الجيش تجاوز الجهة الغربية لوعورتها وصعوبة مسالكها ولعدم خبرة الايطاليين بها.
لكن هناك من همس لجراتسياني بأن الالتفاف عبر وادي غلبون من الجهة الغربية سيكون مفاجأً جداً ومحققاً للنصر بينما السير في وادي دينار سيكون مميتاً بسبب النتوءات الوعرة والقوة المتمركزة فيه من مجاهدي ورفله، وللأسف كانت شخصيةً ليبية من الشخصيات التي تعاملت مع الايطاليين بسبب مشاكل شخصية وقديمة، فوافق الجنرال وقام بإرسال جزء من الجيش من الجهة الغربية بينما هو يقود الجهة الشمالية لإيهام المجاهدين بأن الجيش قادمٌ من الشمال، فيما تتقدم قوات متزني من الشرق، ويزحف القائد مالتا من الجنوب، إلا أن مالتا لم يصل الي بني وليد في الموعد فقد تأخر بسبب بعض الدواعي " الأمنية " والتي تحدث عنها جراتسياني وهي تتعلق بالخوف من القبائل التي لا تزال خارج سيطرة الايطاليين.
في يوم 27 ديسمبر أبلغ طياران بأن الأجواء هادئة في بني وليد وأنهما حلقا فوق القلعة، وكان الناس قد أقاموا الزينات إظهاراً للفرح والسرور، وكانوا ينتظرون بغبطة وصول الجيش.
عندما تلقى القائد تلك الإشارة، أخطر بها الوجيهين الدين كانا معه، وهما خربيش المحارب واحمد الفساطوي السياسي، وكان الأول يهرش في رأسه ولم يكن قد أبدى أيه علامة قط على عدم التأكد مثل هذه المرة، ويصرح بأنه لا يفهم ما حدث، أما الثاني فقد قال بدون تأثر وببساطة( اليوم يوم محاربة يا سيدي)، كان يعرف عبدالنبي حق المعرفة، دلك الغادر الحاذق الذي أشتهر بخيانة مياني عندما رحل عن سرت الى مشارف مقر بوهادي بحجه الإسراع في الدفاع عن ورفلة بينما كان يعلم في الواقع أن رمضان الشتوي قد يقوم بمهاجمه الجيوش النظاميين.
تحرك جيش الشمال باتجاه بني وليد حتى وصل لوادي مقراوه وهناك بدأ إطلاق كثيف للنيران ونشبت معركة عنيفة بين المجاهدين والجيش الايطالي الذي كانت تسانده المدفعية و نيران البطاريات والطيران مقابل بنادق المجاهدين وضعف عتادهم، ويعترف جراتسياني بأنه واجهه مقاومة عنيفة وأنه الموقف كان حرجاً جداً،واستمرت المعركة حتى الثانية ظهراً بين تقهقر المجاهدين وتقدم الايطاليين حتى دخول قوات بيلاجاتي من الجهة الغربية لمركز بني وليد ورفع علم الملك فوق القلعة بعد حركة الالتفاف التي قام بها الجيش الايطالي.
وفوجئ المجاهدون بوجود الايطاليين خلفهم، فأسرعوا لصد دلك الهجوم، وبدون أي تنسيق ورغم أنهم استطاعوا أن يرجعوا الفرق الحبشية على أعقابها تم الفرق العربية تم اصطدموا بقوة الفرسان التي كان يقودها خربيش إلا أن السلاح الذي يملكه العدو وفرق التدريب والتجهيز وعنصر المفاجأة تسبب في استشهاد الكثير من المجاهدين  نتيجة الإستماته في الدفاع عن مدينتهم، وكانت حركات الطيران كثيفة جداً و كانت حلقة تواصل بين المحلات المهاجمة لبني وليد من الشرق والغرب والشمال والجنوب.
ويقول جراتسياني إن دفاع بني وليد قد انهار بعد أن تم الضغط عليها من جميع الجهات.
أنسحب عبد النبي بلخير والمجاهدون وعدد كبير من الأهالي باتجاه اشميخ والتي لم تكن القوات الايطالية قد وصلتها ولكن ومع شروق الشمس وصلت قوات القائد مالتا لتشتت مرة أخرى المجاهدين الدين كانوا يحاولون إعادة ترتيب صفوفهم وقد هرب الجميع جنوباً باتجاه فزان .
وفي تلك الأثناء كانت لا تزال هناك بعض جيوب المقاومة في بني وليد إلا أنها سرعان ما انهارت جميعا وتم احتلال بني وليد من قبل الجيش الإيطالي ليبدأ فيما بعد حملته الواسعة لاحتلال الجنوب.

النصب التذكاري للمعركة
احتل جراتسياني بني وليد يوم 27 ديسمبر 1923 ولم يكد يقضي على جيوب المقاومة حتى أباح البلد لجيشه مدة 3 أيام انتقاماً لمقتل أعضاء الحامية الايطالية وقائدها بريجنتي بعد القرضابية، فنهبت الأرزاق وسرقت المنازل وقتل الناس شنقاً وذبحا وتم مصادرة أموال المجاهدين الموجودين على القوائم كمطلوبين كونهم من العصاه.
اعتبر الايطاليون نصرهم على بني وليد نقطة حاسمة في تاريخ عملياتهم العسكرية، وقالت جريدة الكورييري ذي تريبولي في تعليقها على المقاومة العنيفة من أبناء المدينة ، ("خلافاً لما كان متوقعاً بصفة عامة فإن الثوار قد بدلوا مقاومة مستميتة وعنيفة كانوا يؤملون من ورائها النجاح المحقق").

وبالرغم من دلك فإن المجاهدين من بني وليد لم يستسلموا واستمروا في الجهاد في الجنوب وفي إقليم فزان بالتحديد الذي كانوا يقودونه حتى سقوطه واحتلاله كغيره من المناطق بسبب فرق التسليح وخيانة أبناء الوطن لأهلهم.
----------------------------------------------------------

المصادر


1.        محمد المرزوقي  ..عبدالنبي بلخير داهية السياسة وفارس الجهاد
2.        محمد سعيد القشاط .. خليفة بن عسكر
3.        رودولفوا جراتسياني ...نحو فزان
4.        خليفة التليسي .. بعد القرضابية



بئر اشميخ وتظهر الحامية الايطالية في قمة الجبل المقابل

الحامية الايطالية أعلى الجبل من الوادي الموجود بين الجبل والبئر

البئر أسفل الوادي من أمام الحامية

بوابة ومدخل الحامية الايطالية

سياج الحامية وتظهر الفتحات المعدة للمراقبة وإطلاق النيران

سياج الحامية من الداخل ويظهر الرصيف المعد للوقوف فوقه لأعمال المراقبة

السلم المؤدي الى رصيف المراقبة

مباني الحامية الايطالية من الداخل




إحدى النوافذ والمحاولات المعمارية في بنائها

لا تزال بعض القطع المعدنية وبقايا زجاجات الخمور موجودة حتى يومنا هذا



الكثبان الرملية تكاد تغطي إحدى جوانب السياج



الإسطبل

بقايا الأسلاك الشائكة والأوتاد ونلاحظ التآكل
في الوتد الذي لايزال مكانه بعد حوالي 90سنه




لماذا سميت بني وليد بدردنيل طرابلس الغرب اقر تاريخ



الدردنيل


تعريف المضيق:
بالإنجليزية         Dardanelles
 بالتركية     Çanakkale Boğazı
هو ممر مائي دولي يربط بحر إيجة ببحر مرمرةويفصل المضيق ما بين شاطئ آسيا الصغرى وشبه جزيرة جاليبولي في الجانب الأوروبي وهما من الأراضي التركية، يبلغ طول مضيق الدردنيل حوالي 61 كم، وعرضه يتراوح بين 1.2 إلى 6 كم ويصل عمقه من 50 إلى 60 متراً. وقد اعتنت الدولة العثمانية بعد امتلاكها للقسطنطينية بتحصينه فبنت القلاع على جانبيه حتى أصبح منيعاً يستحيل على أكبر أسطول أن يقتحمه بدون أن يتعرض لأكبر الأخطار.[1]





معركة جاليبولي التي حدثث في هذا المضيق في الحرب العالمية الأولى:
كان موقف روسيا في بدايات الحرب حرجا للغاية بعد الهزائم المنكرة التي أنزلتها بها القوات الألمانية، وأرادت بريطانيا أن تفتح الطريق أمام الأساطيل البريطانية والفرنسية إلى البحر الأسود، وكانت منطقة المضايق هي التي تفصل بريطانيا وفرنسا عن روسيا وتحول دون إمدادها بالذخائر والأسلحة التي كانت في أشد الحاجة إليها بعد أن استنفدت احتياطيها من الذخائر، وانعدمت قدرة مصانعها على تلبية أكثر من ثلث حاجتها من الذخائر.
وكانت بريطانيا غير راغبة في خروج روسيا من الحرب وتخشى ذلك، ولم يكن أمامها هي وحلفائها سوى بسط السيطرة العسكرية على منطقة المضايق، ضمانا لإرسال الذخائر والأسلحة إلى روسيا وحثها على مواصلة الحرب.
وفي الوقت نفسه كان الاستيلاء على المضايق يشد من أزر القوات الروسية ويرفع من معنوياتها التي انهارت أمام شجاعة القوات الألمانية وانتصاراتها المتتالية.
وفوق ذلك وعدت بريطانيا روسيا في حالة سيطرتها على منطقة المضايق بأنها ستهدي إليها مدينة إستانبول؛ لحثها على الثبات والصمود، ولم تكن هناك هدية أعظم من أن تكون المدينة التاريخية تخت عرش الإمبراطورية الروسية وهو الذي دام عقودا طويلة يحلم بمدينة إسطنبول.
ويضاف إلى هذه الاعتبارات أن نجاح حملة الدردنيل يجعل في متناول بريطانيا وحلفائها المحاصيل الوافرة من القمح التي تنتجها أقاليم روسيا الجنوبية، وأن رُسُو الأسطول البريطاني أمام إستانبول يشطر الجيش العثماني شطرين، ويفتح الطريق إلى نهر الدانوب.
الهجمات البحرية
وفي (ذي الحجة 1332 هـ=نوفمبر 1914م) اقترب الأسطول البريطاني من مياه الدردنيل وهو يمني نفسه بانتصار حاسم وسريع، والمعروف أن مضيق الدردنيل هو أول ما تقابله السفن القادمة من البحر المتوسط والمتجهة نحو البحر الأسود، وخلال ذلك تمر بالدردنيل ثم بحر مرمرة ثم البوسفور ثم مدخل البحر الأسود.
وقبل أن تتوغل بعض السفن البريطانية في مياه مضيق الدردنيل، ألقت بعض المدمرات قنابلها على الاستحكامات العسكرية العثمانية، ولم تتحرك هذه القوات للرد على هذا الهجوم ووقفت دون مقاومة، الأمر الذي بث الثقة في رجال الأسطول البريطاني، وأيقنوا بضعف القوات العثمانية وعجزها عن التصدي لهم، وتهيئوا لاستكمال حملتهم البحرية.
وبعد مضي شهرين أو أكثر من هذه العملية توجهت قطع عظيمة من الأسطول البريطاني إلى الدردنيل، وهي لا تشك لحظة في سهولة مهمتها، واستأنفت ضرب الاستحكامات العسكرية الأمامية مرة أخرى، ثم اقتحم الأسطول البريطاني المضيق في جسارة، وكم كانت المفاجأة مروعة له، حين اصطدم بحقل خفي من الألغام في مياه الدردنيل، وأصيب بأضرار بالغة بسبب ذلك، وكان لهذا الإخفاق دوي هائل وصدى واسع في جميع أنحاء العالم.
الهجمات البرية
لم تسكت بريطانيا وحلفاؤها على هذا النصر العثماني الذي قام على استدراج وحدات الأسطول البريطاني إلى مياه المضيق واصطيادها بسهولة وسط حقل الألغام البحرية، فرأت تعزيز الهجوم البحري على الدردنيل بهجوم بري، على أن يكون دور القوات البرية هو الدور الأساسي، في حين يقتصر دور القوات البحرية على إمداد القوات البرية بما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومواد تموينية، ومساعدتها على النزول إلى البر، وحماية المواقع البرية التي تنزل بها.
وكانت القوات البريطانية البرية تتألف في معظمها من جنود أستراليين ونيوزلنديين، وهم معروفون بالبأس الشديد في القتال، ويقود هذه القوات سير إيان هاملتون، وكانت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال جورو تعزز البريطانيين.
بدأت هذه القوات تصل إلى بعض المناطق في شبه جزيرة غاليبولي في شهر (جمادى الآخرة 1333هـ = أبريل 1915م)، حتى إذا اكتمل عددها بدأت هجومها على منطقة المضايق، ونزلت بعض قواتها في بعض المناطق، لكن خانها التوفيق في اختيار الأماكن الصالحة، إذ نزلت في أراض تنحدر تدريجيا نحو ساحل البحر، واشتركت في الإنزال كتيبة يهودية وأخرى يونانية.
وقد انتهز الأتراك العثمانيون هذه الفرصة واصطادوا القوات البريطانية والفرنسية المهاجمة، وكانوا قد أكملوا استعدادهم لمواجهة هذا النزول المتوقع، وأظهروا بسالة فائقة وشجاعة نادرة أعادت إلى الأذهان أمجاد العسكرية العثمانية.
وبينما كان القتال يدور في ضراوة بالغة أحرز الجنود المهاجمون نصرا على الأتراك (في 25 من رمضان 1333 هـ = 6 من أغسطس 1915م) بعد أن وصلت إليهم إمدادات كثيرة، ونجحوا في أخذ الأتراك على غرة، غير أن قائد القوات المهاجمة لم يستثمر هذا النصر الخاطف بأن يبدأ في التوغل نحو شبه جزيرة غاليبولي، وظل متباطئا دون تطوير هجومه، الأمر الذي جعل القوات العثمانية تنجح في صد المهاجمين، واسترداد ما تحت أيديهم وتكبيلهم خسائر فادحة بعدما وصلتهم إمدادات سريعة.
الانعكاسات السياسية:
وقد أدى هذا النصر العثماني إلى إنقاذ إستانبول عاصمة الخلافة من السقوط في أيدي قوات الاحتلال الأجنبي، وفي الوقت نفسه جعل القوات البريطانية والفرنسية تفكر في الانسحاب من شبه جزيرة غاليبولي بعد أن فقدت الأمل في الاستيلاء على منطقة المضايق، وبدأت بالفعل الانسحاب في (10 من صفر 1334 هـ = 18 من ديسمبر 1915م) بعد أن كلفت الحملة بريطانيا وحليفاتها مائة وعشرين ألفا من القتلى والجرحى، وأخفقت في تحقيق هدفها الرئيسي وهو الاستيلاء على المضايق، وكان الفشل مزدوجا في البر والبحر.[2]

سبب تسمية بني وليد بدردنيل طرابلس الغرب

تحطم جحافل الغزاة على هذا المضيق الذي كان يعتبر المنفذ الوحيد بين البحر المتوسط والبحر الأسود هو وصلة الربط بينه وبين تسمية بني وليد بدردنيل طرابلس الغرب فقد كان موقعها مهماً جداً لوقوعها بين مصراتة ومرزق وسرت وغريان وترهونة وكانت بمثابة المركز في دائرة قطرها 400 كم الى جانب وفرة مياهها وكثرة قلاعها وحصونها التي يمكن أن تكون نقاط مهمة في الدفاع ضد حملات الغزاة وكانت تعتبر حلقة الوصل الوحيدة بين الشمال والجنوب في الماضي،  وعبدالنبي بلخير أراد أن يعيد التاريخ ويجعل من بني وليد دردنيل طرابلس الغرب تتحطم عليه القوات الإيطالية[3]، يقول جراتسياني في كتابه نحو فزان بأن عبدالنبي بلخير أراد أن يطلق على وادي بني وليد الذي يحمي مداخل البلدة اسم دردنيل طرابلس الغرب تتحطم عليه قواتنا الزاحفة نحو الجنوب، وإنه إذا سقط وادي بني وليد سيفتح الطريق نحو الجنوب.